الأربعاء، 29 يوليو 2020
الأحد، 26 يوليو 2020
النهاية هي البداية، ما الزمن؟ (1)
"ما الزمن؟ عندما لا يسألني أحدهم فأنا أدرك ماهو، أما إن وُجه لي هذا السؤال لشرحه، فلا اعرف" - القديس اوغستين
"لا يخطو المرء بنفس النهر مرتين" - هيرقليطس
قبل العزم على بدء طرح تصّور للزمن، جدير بالذكر أن جزء من الفيزياء الحديثة وما يتعلق بها تحت ما يسمى الكوسمولوجيا (علم الكونيات) هي تصورات قد لا يتفق أو يجمع عليها معظم العاملين في هذا المجال
ما الزمن؟
ما الفاصل بين الماضي والحاضر؟ قد يبدو الجواب البديهي هو مرور "الوقت" إلا أن الفيزيائين لا يملكون تعريف واضح للزمن ويبدو أنه غير جوهري فـي وصف الكون، يُشار مجازيًا لكلمة الانفجار العظيم بكلمة "بداية" للكون، وهي حالة ذات درجة عالية ومساحة ضئيلة ومنذ ذلك الوقت يتجه الكون للتوسع والبرودة، إذًا قد تبدو الإجابة واضحة، يوجد حركة واحدة "للزمان" لأن الكون يتطور بشكل واضح في اتجاه واضح وبطريقة لا يمكن عكسها، وهي فكرة مبسطة لكونك قادر على كسر بيضة لكن عودتها لـما كانت عليه بعد الكسر أمر مختلف، هذه النزعة للكون نُسميها بشكل مبسط "الانتروبي".
قد يقودنا هذا التصور للكون إلى التفكير المتسلسل التالي; إذا كان الكون ينزع للفوضى (زيادة في الانتروبي) بشكل مستمر، إذًا لا بد أنه بدأ من حالة منظمة (منخفضة الانتروبي)، إذًا جميع تصوراتنا الحياتية عن الوقت ومجرى العادة أو السببية تتعلق بمفهوم فيزيائي وهو زيادة في الانتروبي منذ الانفجار الكبير.
لماذا ينزع الكون هذه النزعة؟ قد لا يوجد جواب نهائي لهذه المسألة لكن يمكن أن نطرح السؤال بشكل مختلف، وهو هل الانفجار الكبير "بداية" الكون؟ قطاع من الفيزيائين يتفقون أن مصطلح "قبل" الانفجار الكبير هو مصطلح غير مفهوم لأنه لا يوجد مفهوم للوقت قبل حدوث الانفجار الكبير، لكن لقطاع اخر، السؤال مشروع حتى نمتلك نظريات فيزيائية أكثر شمولية، ويمكن تسمية الانفجار الكبير بـ "حالة" مر بها الكون بدل كلمة "بداية"، بالتالي يكون السؤال - لماذا مر العالم بهذه الحالة منخفضة الانتروبي؟ -.
وهذا يطرح تصورات مختلفة عن الكون ككون متعدد الأكوان لم يبدأ أصلًا من حالة منخفضة الانتروبي، ويجب أن نتوخى الحذر مع كثرة التصورات المختلفة، ونتطرق لتفصيلها بشكل مبسط من عدة جوانب.
"الزمن هو طريقة الطبيعة كي لاتحدث الأشياء كلها دفعة واحدة" - جون ويلير الفيزيائي الذي ابتدع مسمى الثقب الأسود
الحاضر ذاكرة الماضي؟
- الزمن ما تقيسه مرور الساعة.
- الزمن هو وصف لمرور الاحداث.
قد يبدوان وصف واحد شائع للزمن-الوقت متشابهان، ومختلفة أو منفصلة لبعض الفيزيائين.
حتى نفهم التصور الحديث للفيزياء، فـ يجب أن نفهم ان الكون لم يعد يوصف بالمكان فقط بل بالزمكان (الزمان-المكان) ولا ينفصلان عن بعضهما، وهذا التحول بوصف الكون هو ثورة اينشتاين،وهو التصور الفيزيائي الذي سمح لنا بتصور "وقتين" أو "أوقات" بدل شكل واحد للوقت.
وهذا قدر كافي للمرحلة الاولى من السلسلة....
المصادر:
في خاتمة السلسلة
السبت، 11 يوليو 2020
الأمير كنوت أو بداية الفلسفة
إذا تكلمنا عن
الدين بما له من تاريخ في ضوء قراءة كوجيف
الهيجلية (HEGELIAN) والتي ترتكز بشكل اساسي على جدلية السيد-العبد، فقد نحصل على ثلاث أشكال: ديانة الرغبة
وديانة الصراع وديانة الشغل. يمكن أن نصنف تدرج الأشكال وفق مضمونها الاجتماعي
والسياسي، ترتكز ديانات الرغبة والصراع على مضمون سياسي واجتماعي حق أقل من ديانة
الشغل كـ "من يتقاتل حتى الموت لا النصر حيث لا معنى للحفاظ على حياة الخصم
ولا حتى كعبيد", حتى يصل لديانة المصري القديم بنّاء الأهرامات متجاوزًا
طبيعة الأشياء، لكن شغل المصريين شغل كـ “النحلة بالخلية" ممهدًا ظهور الدين
اليوناني، أو دين الفنان، في هذا الطور يظهر حديث الإنسان حول الميثولوجيا، انتقال
صورة الالهة أبو الهول (حيوان-انسان) إلى ابولو وزيوس (إنسان).
إن ما ينطوي
عليه هذا التحول هو إعلاء شأن الكلمة وهي ليست إعلاء لكلمة السلطان المقدسة إنما
الكلمة في سياقها الجدلي التعليلي والمُناقش، اليوم نعلن ولادة الفلسفة بما هي فن
خطابة وبراهين، وولادة السفسطة بما هي أداة لتحليل الخطاب، وولادة المنطق (ارسطو)
بما هو منطق المحتمل والمرجح الذي يسيطر على النقاشات. إن الشكل العقلاني لإدارة
مؤسسات المدينة يتناقض مع الإجراءات الطقوسية القديمة لكنه لا يستبعدها بشكل جذري.
وما هذه
الأشكال إلا تمهيد للشكل المسيحي حيث تحقيق العبد لذاته، لكنه مازال لا يحققها أو
لا "يعمل" على تحقيقها.
وصاحب الأدلوجة
المسيحية يُدرك نقصان الفعل بأدلوجة الشك والعدمية ويسقط بتناقضات ادلوجته الجديدة
لضعف تطبيقاتها "وما دام أن لا قيمة عنده للوجود والحياة إلا ان الشكي لا
ينتحر وإنما هو يظل يتشبث بالحياة وذلك هو تناقضه الأكبر" فهو لن ينكر طابع
وجوده المتناقض إنما سيبرره بأدلوجته المسيحية. والحال أن يبدأ بتفريغ العالم
الغيبي من مضامينه ويعيده للعالم الدنيوي، وهو إن تأمل شأنه فهو ملحد-مسيحي حيث
حول الشأن الغيبي لشأن محايث، "وهما أدلوجتان ظاهرهما التعارض وباطنهما التكامل".
والحق أن يبدأ لاحقًا إدراك أن القانون شأن فعل لا نظر وأن العمل لا صنيعة فكره
إنما صنيعة فعله والأدلوجة تكون حقيقة في الصراع والشغل، وهنا يحقق الأمير كنوت
مثاله اليوتوبي المسيحي في الأرض، الشيء الذي لن يتحقق إلا بسيطرته على هذا العالم
وفرض سيادته عليه " إن العالم المسيحي ثورة طويلة الأمد سعى المسيحي إلى
الإقامة في هذا العالم الذي بدأ بالهروب منه"، يدرك الأمير كنوت هذا الفارق
في تجلي موت راغنار، "من هو هذا العاقل في هذه الحياة؟ هل تدرك لماذا تموت؟
هل هناك من يعرف كيف يحب؟"، إذًا يرفض كنوت ألا يؤخذ عالمه مأخذ الجد.
تمثل قفزة
الأمير كنوت قفزة من أدلوجة العبد وذلك أن ليس لشعبه هروب من خارج العالم فبدل
"حسبي أن يعترف بي الإله" إلى طلب أن يعترف به قومه، وهذا معنى أن تخلق
المسيحية تعارضًا بين الإنسان وعالمه (امثولة خارج العالم) ثم يثور ويتمرد على
العالم ويحقق الامثولة ويتحول لأدلوجة المسيحي-الملحد، وهذه نزعة الإلحاد عند
كوجيف أي هي تحقيق المثال الديني – فردية،حرية،مساواة،إخاء – وهي إزالة للدين بما
هي دين وهو مآل كل إيمان، وهي مدفوعة بتصور تجسد المسيح، وإنسان ما بعد الثورة
ملحد لا يعي إلحاده.
يدرك كنوت أن
أخذنا للحياة محمل الجد والحياة بما هي نُظم هي مقولة دينية فبلا تلك المقولة لا
يمكن أخذ العالم الا بما هو ملهاة
"أوَ ليس
من شان عالم بلا إله ان يكون عالمًا بلا معنى أي أن يكون عالمًا من عدم؟
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)