مدخل :
- صاحب النص هو البروفيسور الين جوث , و الترجمه لصاحب المدونه
*البروفيسور الين جوث
يقال احيانا – واعتقد انها عباره لدافيد شرام – " نحن نعيش اليوم
بالعصر الذهبي لعلم الكون – كوسمولوجي- " . هذا حقيقي . الكوسمولوجي في الوقت
الراهن تمر بمرحلة انتقالية من كونها مجموعة تكهنات لتصبح علم صلب , حيث النظريات
يمكن تطويرها و اختباراها بملاحظات دقيقة . أحد الامثله على هذا كانت التموجات الكمية
–تقلب fluctuations – و عدم الإتساقnon-uniformities في الخلفيه الاشعاعيه للكون , لقد انخرطت كثيرا
بهذا المجال , و نعتقد بأن هذا الاشعاع هو بقايا شفق "توهج" حرارة الانفجار
الكبير في بداية الكون .
انخرطت ايضا بنظرية تسمى التضخم الكوني , و الذي يبدو التفسير الافضل
لهذا النسق المتماثل "uniformity" والذي يصعب فهمه . ربما ستعتقد بأنها بإمكاننا شرح هذا
الامر كما نشرح فيزيائيا سبب برود قطعة بيتزا اذا اخرجتها من الفرن بعد مدة , لأن الاشياء
عادة ما تبرد لتصل لمرحلة التماثل الحراري (توزيع الحراره واحد uniform temperature ) , لكن
ما ان صغنا المعادلات الرياضيه لتوسع الكون و معرفة سرعة التوسع في وقت ما بذلك
يستطيع الفيزيائيون حساب كم يحتاج من الوقت لنصل لمرحلة التماثل الحراري.وجدوا انه من اجل ان يصبح الكون متماثل بهذه السرعه ليصل لمرحلة
التماثل الذي نراه حاليا في الخلفية الاشعاعيه للكون كان على المعلومات الانتقال
بسرعة اعلى من سرعة الضوء بمئة مره , لكن ! جميع نظرياتنا الفيزيائية تخبرنا بأن
لا شيء يمكن ان ينتقل أسرع من الضوء لذا من المستحيل ان يكون هذا قد حدث , لذلك
الفهم الكلاسيكي للانفجار الكبير big bang , عليه ان يبدأ بالافتراض ان الكون كان متجانس homogeneous – موحد او متماثل uniform – منذ بداية مبكره جدا .
و نظرية تضخم الكون هي اضافة على فهمنا للانفجار الكبير , اي تفسير
" ما دفع الكون من الاساس ؟ " , في الفهم الكلاسيكي للانفجار الكبير
التوسع التوسع هو افتراض اولي لا تفسير فعلي له , الانفجار الكبير الكلاسيكي لم يكن
فعلا نظرية لـ " انفجار " انما ما حدث بعد هذا الانفجار .. التضخم
الكوني يزودنا باجابات محتلمه لهذا السؤال حول ما الذي جعل الكون ينفجر , ويبدو
بأنه يعطينا اجابه سليمه .
نظرية التضخم الكوني تستفيد من نتائج فيزياء الجسيمات الحديث , و الذي
يتنبأ بأنه عند " الطاقة المرتفعه " ستوجد مواد تقلب الجاذبية و تحولها
لقوى طارده ! , التفسير التضخمي يتوقع ان توجد هذه المادة في الكون المبكر , و كل
ما تحتاجه هو بقعة من هذه الماده , و التي يمكن ان تكون اصغر مليار مره من البروتون
! لكن ما ان توجد هذه البقعة فقوتها الطارده ستسبب بنموها بما يكفي ليشمل الكون
المرصود كاملاً .
و يعطينا التضخم تفسيرا بسيط للكون المتماثل المرصود , لانه في التضخم
يبدأ الكون من حجم صغير بشكل لا يصدق و هذه النقطة الصغيره لابد انها تملك الوقت
الكافي لتصل لتماثلها الحراري و تماثل بالكثافه , و من خلال نفس الآليه التي تصل
درجة حرارة غرفة ما تماثل حراري . و اذا عزلت غرفة لمدة طويله كفايه , ستصل لتماثل
حراري ايضا . بالنسبه لكون بحجم صغير جدا و الذي بدأ خلاله التضخم يوجد ما يكفي من
الوقت ليصبح متماثل بشكل مثالي . و بعد ذلك يعمل التضخم ليجعل من هذه النقطة
الصغيره لتشمل الكون , و الحفاظ على هذا التماثل هنا يأخذ "التوسع- expansion" دوره .
لفتره من الوقت عندما تم تطوير النظرية , كنا قليقين جدا اننا سنحصل
على تماثل زائد عن اللزوم . لكن احد مميزات الكون هو طريقته بالتماثل , لكن لا
يعني بأنه متماثل – موحد – بشكل كامل not completely uniform , لدينا مجرات و نجوم و بنى معقدة في الكون و
التي تحتاج شرح ايضا , اذا بدأ الكون و كان متماثلاً سيستمر بتماثله هذا ! حيث لا
يوجد سبب لتراكم المادة هنا او هناك او بأي منطقة معينه .
اعتقد ان ستيفين هوكينق هو الشخص الاول الذي اقترح ما نعتقد اليوم
بأنه الاجابه على هذا اللغز , على الرغم
بأن حساباته الاولى لم تكن دقيقه , بأن التأثير الكمومي قد انقذنا , العالم
الحقيقي لا يوصف بالفيزياء الكلاسيكيه , حتى على الرغم بأننا كنا نستعمل فيزياء
صعبه جدا ! كنا ما زلنا نستخدم الوصف الفيزيائي الكلاسيكي مع معادلات ذات حتميه
(*يقصد بأنها لا تنتج الاحتماليه الكميه ), العالم الحقيقي طبعا بالكيفيه التي افهمه فيه يجب ان
يوصف بـ آليه كمية – كوانتم – و الذي يعني بأنه في اعماق الكون يجب ان يتم وصف كل
شيء من منظور الاحتمالات .
العالم "الكلاسيكي" الذي نعيش فيه , و الذي نستطيع تعريف أي
جسم حسب موقعه و يتحرك بطريقة حتميه , هي يمكن فقط ان تعيطنا "متوسط – average " الاحتمالات التي يمكن ان تعطينا اياها الفيزياء
الكميه , واذا طبقت هذا على موضوعنا تعني بأن الكثافه المتماثله التي يتنبأ بها
الفيزياء الكلاسيكيه هي متوسط ما ستعطينا اياه الفيزياء الكميه , و التي تعني بأن
لها مجموعة من القيم و التي يمكن ان تختلف من منطقة لاخرى , مبدأ الريبه الكمي (uncertainly) سيصف كثافه الكون بعمره المبكر مرتفعه في مناطق و اقل منها
بمناطق اخرى .
لذلك نتوقع انه بنهاية التضخم ان يكون هناك تموجات في المناطق
المتماثله تقريبا في كثافتها . و يمكن حساب هذه التموجات , ويجب ان اعترف بأننا لا
نفهم الكثير في فيزياء الجسيمات لتنبؤ الفعلي لاتساع هذه التموجات و شدتها , لكن
يمكننا حساب الطريقه التي تعتمد فيها الشدة على الطول الموجي للتموجات . سنجد
تموجات بمختلف الاحجام و يمكننا قياس شدتها . و يمكننا نقاش ما نسميه الان بالطيف –
spectrum – نستخدم هذه الكلمه بالطريقه التي نصف فيها
موجات الصوت , عندما نتحدث عن الطيف لموجة صوت فحديثنا يدور حول شدة الاطوال
الموجية المختلفة التي تجعل من الاصوات تبدو مختلفة .
و هذا ما نفعله مع الفتره المبكره من الكون , فنتحدث عن شدة التموجات في
كثافة كتلة الكون في فتره مبكره و التي تختلف مع اختلاف الطول الموجي في التموجات .
اليوم يمكننا نرى هذه التموجات في الخلفية الاشعاعيه الكونيه , مجرد فكرة أننا
نستطيع مشاهدتها تعتبر نجاح كبير للتقنية الحديثة , عندما كانت مجرد تنبؤات في عام
1982 , كان الفلكيين بالكاد يستطيعون فقط رؤية تأثيرها . التموجات التي اتحدث عنها
هي فقط جزء واحد من بين مئة الف , 1% فقط من تأثيرات الخلفية كان هو الممكن
ملاحظته في ذاك الوقت .
لم اكن اتوقع ابدا اننا سنرى هذه التموجات , بدا لي صعب المنال ان
يحصل الفلكيين على اكثر من حساب تلك التأثيرات في ذلك الوقت , و كنت مسرورا في عام
1992 عندما كشف قمر صناعي يسمى كوبي COBE هذه التموجات , والان طبعا نملك اجهزة للقياس
افضل من COBE . هذا يعني بأنه يمكننا ان نشاهد اطول طول موجي لتموج ما , الان
لدينا اجهزة تصل الى اجزاء كسرية دقيقة تقربنا للحصول على قياس لمدى اختلاف الشدة
حسب الطول الموجي , بشكل ناجح.
منذ مدة , تم عمل تجربة تسمى بومبيرنج BOOMERANG , تعتمد على بالونة – و التي اعطتنا دليل قوي
على كون شكله الهندسي مسطح geometrically flat , و التي يتنبأ بها التضخم ( ولا نقصد بمسطح اي
ثنائي الابعاد بل ثلاثي ) المكان SPACE ليس منحني كما ينبغي او تتوقعه النسبية العامة , يمكنك رؤية
انحناء المكان بطريقة حيث نمط التموجات تأثر خلال تطور الكون , قبل عام و نصف كان
هناك تعارض سبب بعض القلق , و لم يكن هناك احد واثق فعلا عن حجم القلق الذي يجب ان
نبديه حياله .. الطيف spectrum الذي تم قياسه عند رسمه يبدو انه يحتوي على قمم
كثيره ! و كان لهذه القمم علاقة مع التذبذب في مستوى الكثافه في بداية الكون و
ظاهرة تسمى بالرنين resonance و التي تجعل بعض الاطوال الموجية اكثر شدة من غيرها .. قياستنا
اظهرت اماكن تلك القمم كما توقعناها
وبالشكل الذي توقعناه , لكننا لم نستطع ان نجد القمة الثانيه .
*جانب من تجربة البالون
و من اجل ان تتوافق البيانات التي حصلنا عليها مع النظرية وجب علينا
ان نفترض بأنه يوجد بالكون بروتونات اكثر مما كنا نعتقد بعشر مرات , لان وجود بروتونات اكثر سيؤدي لتأثير يجعل تلك
القمة الثانيه تختفي , طبعا كل تجربة تملك نسبة من عدم التأكد , اذا تم اعادة
تجربة اكثر من مره واحدة لن تكون النتائج نفسها في كل المرات , بذلك كنا نتخيل
بأننا لم نستطع مشاهدة القمة الثانيه بسبب سوء حظ فقط , على كل حال احتمالية ان تكون
القمة الثانيه غير مرئية اذا احتوى الكون كثافة البروتونات المرصوده تنخفض لـ1% ,
لقد كان تناقض مخيف بين ما نلاحظه و ما نتوقعه . و هذا طبعا تغير منذ وقت قريب
عندما تم تحسين طرق القياس , الان نستطيع رؤية القمة الثانيه بل حتى بنفس الارتفاع
الذي كنا نتوقعه و كل بيانتنا متسقة الان مع نظريتنا . ممتاز جدا! , انا متأكد
بانها ستزداد سوء بمجرد تحسنها , نظرا للصعوبات في هذه النوعيه من الحسابات ,
لكننا الان نملك صورة ممتازة تؤكد لنا التضخم في الكون المبكر .
الصورة الحالية للكون تطورت , و الذي تم اكتشافه منذ اعوام قليله , لتناسب الملاحظات افترضنا بانه هناك عنصر طاقة جديد في الكون لم نكن نعرف وجوده
من قبل , و عادة ما نشير الى هذا المكون الجديد " بالطاقة المظلمة "
وكما يوحي اسمها بوضوح نحن مازلنا لا نعرف ماهيتها بالظبط , انها عنصر من عناصر
الطاقة التي في الواقع تشبه الى حد كبير مسألة الجاذبية الطاردة التي تحدثنا عنها
في البداية , المواد الدافعه في بداية الكون .. يبدو انه في الواقع اليوم يملأ الكون
نوع مماثل منها , طبعا التأثير المضاد للجاذبية
هذا اضعف بكثير من التأثير الذي تحدثت عنه في بداية الكون و لكن الكون يبدو اليوم
بالتأكيد متسارع accelerate بسبب تأثير ما نسميه الطاقة المظلمة
على الرغم بأن كلامي يوحي بأننا نفهم الكثير و نحن فعلا نفهم الكثير
.. لكن هناك الكثير من عدم التأكد و الشك . على وجه الخصوص مازلنا لانعرف المادة
التي تكوّن معظم الكون , هناك تلك الطاقة المظلمه و التي يبدو انها تستولي على ما
يقارب 60% من كتلة/طاقة الكون , و لا نعلم ماهي , ربما تكون هي طاقة الفراغ – vacuum - نفسه ؟ لكننا لا نعلم عن يقين , بالاضافه لهذا
لدينا ما يسمى "بالمادة" المظلمة و ربما تشكل بين 30%-40% من مجموع
المادة في الكون و ينطبق عليها نفس الكلام حول الطاقة المظلمة .. الفارق بينهما هو
أن الطاقة المظلمة تسبب تلك الجاذبية المضادة و تنتشر بشكل سلس , بينما المادة
المظلمة تبدو كأي مادة عاديه من حيث خصائصها الجذبوية - gravitational
properties- اي انها تجذب – لكن ما لا نعلمه هو محتواها (
بروتون نيترون و ذرات ..الخ ) و تبدو انها تستحوذ على 5% من كتلة الكون .
المغزى من هذه القصة هو ان لدينا قدر كبير لنتعلمه بنفس الوقت الذي
نملك فيه نظريات تعمل بشكل مثير للاعجاب.
-
للمزيد
يمكن الاطلاع على ALAN GUTH, father in the inflationary
theory of the Universe, is Victor F. Weisskopf Professor of Physics at MIT;
author of The Inflationary Universe: The Quest for a New Theory of Cosmic
Origins.