الخميس، 19 ديسمبر 2013

التشيـــــــــؤ و سيكولوجيا البائع





--  مترجم من اعمال عالم الاجتماع الفرنسي لوسيان جولدمان
معد من د.محمد سبيلا 



-         المشار بالأحمر خارج عن المقال هي اضافة مني للتوضيح او الملاحظة.


" إن نتائج التشيـؤ في كل مجالات الحياة الإنسانية , ليس فقط في المجالات الاقتصادية , نتائج هائلة "


 

النتيجة الاولى والأهم كما يبدو لنا , هي تشكل الدولة البيروقراطية , وقد لاحظ ماكس فيبر من قبل تطور الإنتاج الرأسمالي إلى ما فوق مستوى معين تطور لا يمكن تصوره دون إدارة و دون عدالة مؤسستين يمكن التنبؤ بقرارتهما , من أجل إدماجهما من قبل قرارات المؤسسات , أي دون إدارة وعدالة تحكم قرارتهما مبادئ عامة وصورة ومجردة بحيث لايمكن وضعها موضع تساؤل في كل حالة خاصة , حتى لو كان ذلك باسم اعتبارات إنسانية. وتلك دون شك,ضمانة مهمة للمواطنين ضد تعسف الموظفين والقضاة, لكن ذلك يولّد أيضاً نزعة مؤسسية وصورية يصبحان بلا معنى في كل حالة محدودة.

 

هكذا تصبح الحياة النفسية للناس امتدادًا و تكملة وزينة للواقع الوحيد المؤثر للأشياء الجامدة. فبالنسبة للعقاريين يتزايد المال وينتج ذاته كما لو كان كائن حي.

 

واللغة تعكس هذا الوضع نقول " المال يشتغل " "رأس المال ينتج" " مردود الأرض".

هذا مايجعل كل مايقوله هؤلاء في ما بينهم عندما لا يتعلق الأمر بمصالحهم المباشرة خاطئًا و مصطنعًا و تلك هي سيكولوجيا البائع الذي يمتدح بضاعته مهنيًا حتى و لو كان يعرف انها مجرد خردة.

 

 

إن الجمل الفارغة والثرثرة والكذب المعتاد والديماغوجية (*إستراتيجية لإقناع الآخرين بالاستناد إلى مخاوفهم وأفكارهم المسبقة) السياسية والاجتماعية تصبح هي الظاهرة العامة التي تغزو تقريبًا وجود معظم الناس وتنفذ الى الاعماق الخفية لحياتهم الشخصية, وحتى إلى علاقاتهم الغرامية. إذًا إن الحب يتحول هو أيضًا إلى ديكور خارجي و متفق عليه في زواج الرشد – أي زواج الأعمال والصفقات – كما أن العلاقات بين الآباء والابناء بين الاخوة والاخوات تصبح في الغالب هي ايضاً مشاكل تتعلق بالموقع الاجتماعي أو بالميراث هكذا يتحول الإنسان تدريجياً إلى كائن آلي, يتلقى سلبيا فعل القوانين الاجتماعية التي هي خارجية عنه .

 

 

أبرزنا أن التشيؤ الذي يعني أساساً إحلال الكمي محل الكيفي , و المجرد محل العيني , والذي هو مرتبط بالانتاج من أجل السوق وخاصة الإنتاج الرأسمالي يميل مع تطور هذا المجتمع إلى الاستيلاء التدريجي على كل مجالات الحياة الاجتماعية والحلول محل الأشكال الاخرى للوعي.

 

وقد يبدو الامر يتعلق بظاهرة نهائية لا محيد عنها , أي بنوع من القدرية في التطور التاريخي , ومع ذلك فقط يطرح مشكل هو : هل ليس هناك داخل النظام الاقتصادي الرأسمالي حدود لايمكن ان يتعداها التشيؤ دون ان يحدث اظطرابات خطيرة و ردود فعل بشرية يمكن ان تكون بمثابة محرك يدفع إلى تجاوزه؟ إن مثل هذه العوامل موجودة فعلاً وتشكل حدود مهمه ,و هي الأزمات ومقاومة الطبقة العاملة.

 

" إن التشيؤ يقطع وحدة الذات و الموضوع و وحدة المنتج والمنتوج , الفكر والمادة , والمفكر لا يقوم بعد ذلك سوى بملاحظة هذه القطيعة بالنظر إليها على انها ظاهرة اساسية وطبيعية في الحياة البشرية "

 

يبقى أن القضاء على التشيؤ وإضعافه يتعين على أن يقود الى القضاء على العنصر الحاسم الذي يولّد الرأسمالية الكلاسيكية بصورة دائمة:

1-إحلال الكم محل الكيف,والعقلاني محل الحياتي

2-احترام الحرية والمساواة الشكليتين للأفراد