الاثنين، 20 أبريل 2020

هوامش على "الرد على المنطقيين" - ابن تيمية



-"وأمّا هو في نفسه فبعضه حق، وبعضه باطل والحق الذي فيه كثير منه أو أكثره لا يحتاج إليه، والقدر الذي يحتاج إليه منه فأكثر الفطر السليمة تستقل به، والبليد لا ينتفع به، والذكي لا يحتاج إليه...وقل من قال إن كله كلام حق كلام باطل، بل كلامهم في الحد والصفات والقياس والبرهان ومواده من الفساد ما قد بينّاه في غير هذا الموضع...والله أعلم" - الفتاوى

-"ومعلوم أن أفضل هذه الامة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين – عرفوا ما يجب عليهم وكمل علمهم وإيمانهم قبل أن يُعرف منطق اليونان فكيف يقال إنه لا يوثق بالعلم إن لم يوزن به أو يقال إن فطر بني آدم في الغالب لا تستقيم الا به" – الرد على المنطقيين

"وإمام صناعة الطب ابقراط له فيها من الكلام الذي تلقاه أهل الطب بالقبول، ووجدوا مصداقه بالتجارب...ومع هذا فليس هو مستعينًا بشيء من هذه الصناعة (المنطقية) بل كان قبل واضعها"

 يوجز الدكتور رفيق العجم طبيعة كتاب الرد على المنطقيين للشيخ ابن تيمية (نسخة طباعة دار الفكر اللبناني –ص23-) ببحثين رئيسين للشيخ:

1-بحث الحد والتصور.
2-بحث القياس والتصديق.

ويلخص الشيخ موجز قول المنطقيين في العلم قبل الإسهاب، حيث ينقل عنهم أنهم قسموا العلم لـ إما "تصور" وإما "تصديق".

وكل منهما إما "بديهي" وإما "نظري", ومن المعلوم أن ليس كلi بديهي ولا يجوز أن يكون كله نظري لأنه مفتقر للبديهيات.

إذًا لابد من طريق لننال النظري. فالطريق الذي ينال به التصّور هو "الحد" والطريق الذي ينال به التصديق هو "القياس"

إذًا الحد هو اسم جامع لكل ما يعرف التصّور وهو القول الشارح.

أما مواد القياس فهي القضايا التي يستدل بها على غيرها، فإن استدليت بـ "كلي" على "جزئي" فيسمى قياس شمول، واستدلال جزئي على كلي فهو استقراء او قياس تمثيل.

والتفريق هنا ضروري لرؤية الشيخ ان قياس الشمول وقياس التمثيل يعودان لبعضهما في النهاية ولا يمكن القول إن قياس الشمول يفيد اليقين لوحده دون قياس التمثيل.

-الحد:
والموقف العام للشيخ إن الحدود ليست ضرورية في العلم لأنها لا تفيد تصور الحقائق
مثال: لو حدّينا الإنسان بأنه=حيوان ناطق، فهذه مجرد دعوى خالية من الحجة.

والحد عندهم (أي المناطقة)
ينقسم إلى (صفات ذاتية) وهي ما كانت داخلة في الماهية وتتوقف حقيقية الشيء عليه ولا يمكن تصور الذات دونه.
و صفات (عرضية) وهي ما كانت خارجة عن الماهية (كالبياض في الجسم) ويمكن تصور الذات دونه.

وهو عند الشيخ مجرد دعاوي اصطلاحية او تصورات ذهنية لا وجود لها في الوجود الخارجي، لكون جميع الصفات (الحدود) لازمة للمحدود ولا يمكن تقسيمها

والحد عند الشيخ يجب أن يقوم على الصفات العرضية لأنها هي ما يميز المحدود ويجعله يختلف عن غيره.

وينسحب هذا على نقد الشيخ لمعرفة الإنسان بالكليات (قياس الشمول) وأنها أتم واعم واشمل من معرفة الإنسان بالجزئيات (قياس تمثيل) فيرى الشيخ أن القضايا الكلية لم تكن لتكون بدون تصورات جزئية, فإن كان معرفة الجزئي هو الطريق لمعرفة الكلي, إذًا من قال ان قياس الشمول يحصل دون قياس التمثيل قوله فاسد.

بالتالي القضايا الكلية المطلقة لا توصل إلى معرفة بدون تعلقها بالجزئيات وهي تقديرات ذهنية فقط, فلا معنى لمعرفتنا بوجود "إنسان مطلق" أو "حيوان مطلق", بالتالي لا معنى ل"العلم المطلق" و"الفاعل المطلق"..الخ وعلى هذا الأساس لا يمكن التوصل إلى معرفة الله وما يختص به عن غيره.

فالعلم النافع هو العلم المعين الموجود بالخارج.