الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

هل تطور الدين لخدمة القوي أم الضعيف؟





ما الذي يجعل الناس أكثر تدينًا؟ ومن ينتفع من الدين؟ هل تفيد المحرومين كمصدر للآمل والقوة؟ أو أداة للقوي لإخضاع الضعيف – أو كما قال ماركس "افيون الشعوب" - ؟ قد تظن بأنك تعرف أجوبة الاسئلة.إليك ثلاث ملاحظات قد تجعلك تعيد النظر:



الأولى: يزداد تدين الناس تحت الظروف السيئة:


هناك كتابات كثيرة تشير إلى أن الناس يستخدمون المعتقد الديني للتحمل وإبقاء الأمل عندما يعانون من أي نوع من التجارب المؤلمة أو التي تشكل ضغط,كـ المرض والطلاق والكوراث الطبيعية والاعتداء والإقصاء الاجتماعي.


الثانية:تصبح المجتمعات أكثر تدين وقت شيوع الـ لا-مساواة


علماء الاجتماع منذ وقت طويل لاحظوا علاقة طردية بين عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والتدين, وأول الأدلة التجريبية القوية نُشرت في عام 2011 لـ(by Solt, Habel and Grant) وأظهر تحليلهم من عام 1981-2007 عبر 76 مجتمع مختلف,تزايد التدين في عام,يميل بأن يسبقه زيادة في التفاوت(عدم المساواة) في العام الذي يسبقه,ووجدوا نفس النمط عندما بحثوا في مجتمع لمدة أطول ( الولايات المتحدة من 1955-2005).


الثالثة:ازدياد عدم المساواة في مجتمع=ازدياد التدين في جميع اعضاء المجتمع,لكن لاسيما لاصحاب الشأن الأعلى


الملاحظة الاولى توحي بأن الأقل حظًا,والأكثر فقرًا سيصبحون أكثر تدينًا,وهذا يرفع الإجمالي الكلي للتدين.على كل حال هذا ليس النمط الذي لاحظه "سولت solt" ورفاقه,في الدراسة المذكورة أعلاه,عندما قاموا بتحليلات بياناتهم الخاصة بهم وفق مستوى الدخل,لاحظوا أن التدين يزداد مع عدم المساواة على جميع الأصعدة الاجتماعية-الاقتصادية,مع تأثير أعلى لاصحاب الدخل الأعلى,وبرأيي,سولت ورفاقه لا يقدمون أدلة حاسمة احصائية لهذا الامر..لكنهم قدموا بعض الادلة,والتي تبدو أنها اقنعتهم وأقنعت المراجعين الذين وافقوا على نشر دراستهم.

لقد استنتجوا بأن ازدياد غياب المساواة اقتصاديًا,يجعل الدين أكثر جاذبية للأثرياء وزيادة قدرتهم على نشر الدين بين الاعضاء الاخرين في مجتمعاتهم.

على كل حال,سولت ورفاقه لم يجدوا أي دعم لتنبؤ الملاحظة الأولى (ان العلاقة بين التدين-غياب المساواة سوف تكون سبب لزيادة تدين الفقراء)





مفارقة من الذي يستفيد أكثر من الدين



إذًا نحن الآن أمام مفارقة على أن لدينا مئات الدراسات التي تشير إلى أن التدين يزداد عند الأفراد الذين يعانون من الشدائد والاجهاد,لكن هذه العلاقة لاتظهر عند تحليل الآثار المترتبة على عدم المساواة-التدين,والذي نجده بدلًا من ذلك هو أن عدم المساواة يزيد التدين على جميع المستويات الاجتماعية-الاقتصادية,وربما حتى اكثر بين الأغنياء لا الفقراء

فما الذي يحدث هنا؟ هناك عدة تفسيرات والأكثر ترجيحًا هي على الرغم أن الاغنياء والفقراء يزداد تدينهم مع ازدياد انعدام المساواة,إلا أن طابع تدينهم مختلف,فالفقراء هو ميل أكثر لتحمل اليأس والبحث عن الأمل والتفاؤل في مواجهة الحرمان,في حين بين الأغنياء,هي محاولة للحفاظ على الوضع الراهن من خلال إظهار توافق الوضع الراهن مع الأوامر اللإلهيه, إذا كان الأمر كذلك، فإنه قد يكون من الممكن قياس الاختلافات في المشاعر الدينية التي يملكها الأغنياء والفقراء على التوالي: الفقراء يضعون  مزيد من التركيز على الإيمان والرجاء، والمثابرة، في حين أن الأغنياء يضعون مزيد من التركيز على الحفاظ على التقاليد الدينية وعدم تعكير صفوها.




قد تكون الدراسات المستقبلية قادرة على قياس هذه المتغيرات، وبالتالي اختبار الفرضية القائلة بأن التدين له وظائف مختلفة، ويعبر عن نفسه بأشكال مختلفة، اعتمادًا على ما إذا سلطتك الاجتماعية ضعيفة أو قوية. حتى ذلك الحين، فإن مسألة من الذي يستفيد أكثر من الدين دون حل إلى حد كبير.

المصدر - سيكولوجي توداي -