الاثنين، 21 يوليو 2014

مدخل لفهم الفيزياء الحديثة.




-معظم المصطلحات العلمية تم ترجمتها للعربية بالاستناد على الشائع, كي يسهل البحث لمن اراد الحصول على معلومات اكثر , و التي لا اتفق مع حرفية ترجمتها احياناً .
-العمل معد من قبل صاحب المدونة.

المحتوى :

يروي ديفيد ليندلي في تأريخه لمبدأ الريبة لهايزنبيرج , بأن خلال القرن التاسع عشر هيمنت فكرة ان العالم الطبيعي اشبه بشكل آلة معقدة لكنها معصومة عن الخطأ و تطلعت العلوم لهذا النموذج الذي كونتها الفيزياء حسب تعبيره , فهو يطرح محاولة لتعريف العلم حينها بأنه المعني بالملاحظات و الظواهر المهيأة للوصف الدقيق – أي القابلة لأن يعبر عنها في شكل أرقام -  ثم العثور على القوانين الرياضية التي تربط هذه الأرقام في نسق ملزم , ولا ريب ان مهمتهم كانت صعبة لأن تلك الآلة كانت معقدة جدا بالنسبه لهم .

القرن العشرين هو مرحلة جديدة في عالم العلوم بشكل عام و الفيزيائية بشكل خاص , فلنتعرف على اهم ما فيه بشكل مبسط :

-النسبية الخاصة :

الإطار المرجعي الجاليلي ( Galilean invariance ) و المتضمن في الميكانيكا النيوتنية ( علم الحركة النيوتني ) كان يعتبر واضح و ناجح في تفسير الملاحظات لعدة قرون . و بين الامور التي كانت الميكانيكا النيوتنية تسمح بها هي القدرة على اضافة متجهات السرعه لبعضها, مثال توضيحي : لو كان أحمد يلاحظ أن خالد يتحرك بسرعة v1 , وكان خالد يلاحظ ان عمر يتحرك بسرعة v2 و في نفس الاتجاه , إذا فإن محمد سيحسب سرعة عمر بـ v1+v2  في نفس الاتجاه.

ظهر تناقض بسبب ظهور نظرية ناجحه جديدة حول الكهرباء و المغناطيس في القرن التاسع عشر و ظهور معادلات ماكسويل المعروفة,من الامور التي ترتبت على هذا الامر هو معرفتنا بوجود موجات(waves) مختلفة كموجات الراديو , و كلها اعتبرت موجات ضوء تختلف تردداتها. المعادلات ايضا تخبرنا بأن سرعة الموجة-سرعة الضوء- حوالي 300,000 كيلوميتير في الثانيه , بغض النظر عن حركة ( المُلاحظ ) .
و كان هذا يتعارض مع اطار جاليليو.

اينشتاين حل هذا التناقض,بالنسبه لاينشتاين إطار جاليلو هو مجرد تقريب للقيمه الفعليه,وهو ناجح تماما في حركة الحياة اليومية التي لا تقترب من سرعة الضوء. اما ما زاد عن ذلك فتصفه نظرية النسبية الخاصة بشكل جيد.و في حالة النسبية الخاصة جمع متجهات السرعه يتم حسابه بالمعادله التالية :



حيث c هي ثابت سرعة الضوء.


-الميكانيك الكمي:

نظرية الكهرومغناطيس التي تصفها معادلات ماكسويل اصبحت ايضا تتعارض مع فهمنا للدينمايكا الحرارية (thermodynamics) , سلوك النظام ( system ) خلال التوازن الحراري , وبشكل خاص جسم ساخن ( ما يسمى بالجسم الاسود black body ) يمتص الاشعاعات الالكترومغناطيسية حتى يصبح طيف (spectrum ) وهو المدى الكلّي للإشعاعات الكهرومغناطيسية بجميع تردداتها.
المشكلة هي بأن اذا اضاف أحدهم الطاقة التي تنقلها الاشعاعات بمختلف تردداتها سينتج مجموع لا نهائي ( infinite ) وهذا يبدو سخيفاً.
و في بداية القرن العشرين , ماكس بلانك أدرك بأنه لو كانت الطاقة تنبعث بشكل حزم منفصلة ( كمات – quanta - ) بدل عن دفعه واحده او بشكل مستمر اذا صح التعبير , سنحل مشكلة اللانهائية , و أفترض بلانك بأن اشعاعا بتردد لـ نعطيه الرمز n سيأتي بكمات –quanta- من الطاقة توصف بالمعادلة E=h n , حيث ترمز h هنا لثابت اساسي في الطبيعة عُرف لاحقا باسم ثابت بلانك. وكل كم –quanta- من الضوء يسمى بـ فوتون –photon- .وهذه كانت بداية فكرة ازدواجية الموجة-الجسيم , و الكوانتم ميكانيك او الميكانيكا الكمية.



-النسبية العامة:

لم يكن اينشتاين مكتفي بنظريته في النسبية الخاصة , لانها كانت تبدو غير متوافقة مع فكرة نيوتن حول طبيعة الجاذبية رغم انها كانت نظرية ناجحه , حيث يمكنك من خلالها دراسة حركة الكواكب بشكل ممتاز على سبيل المثال .. لكن دعونا لا ننسى بأن نظرية نيوتن للجاذبية كانت تتضمن خاصية حتى نيوتن نفسه لم يكن مرتاحاً لها , وهي فكرة أن جسمان يجذبان بعضهما رغم ان بينهما مسافة طويله بلا وسيط بالفراغ,حيث كان نيوتن يفهم الجاذبية كـ قوه Force .

اينشتاين لم يكن مرتاحا لهذا الامر,و ايضا لان النسبية الخاصة لم تكن متوافقة مع هذا الامر, ففي عام 1915 وجد اينشتاين حل في نظريته الجديدة حول الجاذبية "النسبية العامه".

تم اختبار هذه النظرية عبر تجارب منها :
1-اعطت نتائج ادق لمسار مدار عطارد .
2-تنبأت بشكل ممتاز انعطاف ضوء أحد النجوم بسبب مروره بالقرب من اطراف الشمس وهي زاوية انعطاف بسيطة لكن يمكن قياسها , والتي قام بقياسها الفلكي إدنجتون في عام 1919 أثناء كسوف الشمس.

هذه التجارب تؤكد التنبؤ النظري للنظرية , و التي جعلت من اينشتاين شخصية مشهورة عالمياً,و تطبيقات اخرى على النظرية كـ الثقوب السوداء و موجات الجاذبية تم تأكيدها لاحقا كنتائج لنظرية اينشتاين.
 
طبعا هناك امور اخرى مبنيه على النسبية العامه,وقد اصبحت مبادئ اساسية في الفيزياء الحديثة كـ مبدء التكافؤ. ومفاهيم رياضية اخرى والتي تضمنت استعمال للهندسة التفاضيله و هندسة ريمان بشكل ادق,و عودة لمفهوم نيوتن للجاذبية كقوة ! نسينا هذا الامر تماما مع اينشتاين فلقد اصبحت الجاذبية عبرها بدلا عن قوة كما عند نيوتن نصفها بوصف الشكل الهندسي لـ الزمكان ( نسيج الزمان و المكان ) , حيث ان انحناء هذا النسيج هو الوصف الادق للجاذبية فلم نعد بحاجة لمفهوم جسمان يجذبان بعضهما في الفضاء بطريقة مبهمه وغير مفهومه,بل هي عبارة عن انحناء لهذا الزمكان كما هو موضح بالصورة التالية .



*توضح الصورة كيفية تشوه أو انحناء نسيج الزمكان والذي يسبب الجاذبية فخسرت مفهومها التقليدي النيوتني.

 واصبحت المعادلة الجديدة للجاذبية هي :

G1=8*Pi*G*T

حيث G1 تصف الزمكان , و G هو ثابت نيوتن للجاذبية الذي لم يستغني عنه اينشتاين , و T يصف توزيع الطاقة و كمية الحركه اما Pi فهي الثابت المشهور.

وسنتطرق في مدونة منفصلة عند سبب وجود Pi في وصف الشكل الهندسي للزمكان علماً و بأنه كما يعرف الجميع ثابت العدد pi متعلق بمساحة الدائرة .





-نظرية المجال الكمومي:

نستعين في شرح فكرة المجال الكمومي بالبروفيسور ستيفن هوكينغ حيث يعتمد النص التالي عليه.

دعونا نشير مره اخرى بأن رغم الانقلاب التي احدثتها نظريتا ماكسويل في الكهرومغناطيسية و اينشتاين في النسبية العامه فهما مازالا تحت الميكانيكا الكلاسيكية والتي هي مناسبة تماما لحساباتنا اليوميه المافوق ذرية,  إن اردنا فهم سلوك الذرات والجزئيات وعالم الذرة و ما تحتوي فإن علينا إيجاد نسخة كمومية لنظرية ماكسويل واينشتاين , و محاولتنا لحصول على نظرية كمومية لكل قوانين الطبيعة نسميها بنظريات المجال الكمومي.

ماذا نقصد بالقوى الطبيعية؟..بشكل عام نصنف القوى الطبيعية لاربع اقسام:
1-جاذبية
2-كهرومغناطيسية
3-قوى نووية ضعيفة
4-قوى نووية قويه


كانت الكهرومغناطيسية هي اول نظرية استطعنا ابتكار نسخة كمومية لها تسمى كهروديناميكا الكم QED, الان علينا ان نشير بأن مجالات ميكانيكا الكم يتم تصويرها بأنها مصنوعة من جسيمات اولية تسمى بوزونات و هي جسميات حاملة للقوى . اما الجسيمات الاخرى الفيرمونات هي المرتبطة بالمادة كـ الالكترونات و الكواركات , والفوتونات.. اما لو اردنا اعطاء مثال للبوزون فناقل القوى الكهرومغناطيسية , ما يحدث تحديدا هو بأن جسيم المادة كالالكترون يبعث بوزون او حامل القوة حيث يصطدم هذا البوزون بجسيم اخر مما يسبب بتغير مسارة.
النتائج التجريبية لـ كهروديناميكا الكم كانت مناسبة , لكن ينتج عنها مشاكل رياضية بحته معقده قدم حلولا لها الفيزيائي الامريكي ريتشارد فاينمان كانت تمثل تقدماً لكنها لم تكن نهائية و احتجنا لاحقا لمبدأ رياضي اخر Renormalization.

*صورة لمخططات فاينمان وهي إحدى اسهاماته العلمية الكبيرة.




نتج عن تحول الكهرومغناطيسية الكلاسيكية الى نظرية كمومية في ما يسمى كهروديناميكا الكم تشجيع البحث عن وصف كمي للقوى الاخرى الثلاث المتبقية , حيث يفكر جديا العلماء على توحيدها جميعا في نظرية موحدة .

على كل حال لاحقا طرح عبدالسلام و ستيفين واينبيرغ نظرية كانت فيها الكهرومغناطيسية موحدة بقوى نووية ضعيفة و حققت تنبؤ تم اكتشافه معمليا لاحقا في مختبرات سيرن CERN و مُنحا عليه جائزة نوبل .

لاحقا عمل العلماء على دمج القوى النووية القويه بعد ان نجحوا في الكهرومغناطيسية و القوى النووية الضعيفة , ابتدع العلماء ما سمي بالنظرية الموحدة العظمى GUTs والتي حاولت دمج تلك الثلاث قوى لكنها فشلت . و بسبب ذلك تبنى لاحقا معظم العلماء نظرية اخرى سميت بالنظرية المعيارية مثلت دمج بين الكهرومغناطيسة والضعيفة والقوية ( تفاصيل هذا الامر معقدة بشكل اكبر , و وليس من الضروري ذكرها كمدخل للفيزياء الحديثة,لكن وجب الاشاره فقط بأن هذه النظرية تحتوي على بعض المشاكل ) , و هذه النظرية مريحه للعلماء حيث تقدم نتائج توافق الادلة الملاحظة. لكنها لا ترضي بشكل نهائي لأنها لا تتضمن الجاذبية وهي القوى الرابعة المتبقية , و نظرية كمومية للجاذبية هي الامر المتبقي الذي لم يجد له الفيزيائين حل .


خاتمة:
كان هذا موجزا و خطوه لمحاولة توضيح إطار عام لفيزياء القرن العشرين بشكل مبسط,اما دهاليزها فهي اكثر تعقيداً من هذا,بداية من سقوط الأثير مرورا بمعادلة شرودينغر و بول ديراك و ختاما بانجازات فاينمان و ستيفينبيرغ و غيرهم , و قد يؤدي احيانا الاختصار لبعض سوء الفهم نعتذر عنه .


 المراجع:
Caltech Particle Theory Group of California Institute of Technology- 
-prof.Stephen hawking in grand design book -
-Sean Carroll Senior Research Associate blog
-David Lindley Uncertainty: Einstein, Heisenberg, Bohr, and the Struggle for the Soul of Science book