الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

مفارقة فيرمي







السماء التي نلاحظها تبدو واسعه جداً-لكننا فقط ننظر للفضاء الذي بجوارنا . في ليلة صافية,نستطيع رؤية ما يقارب 2500 نجم في محيط اقل من 1000 سنة ضوئية أو 1% من قُطر مجرتنا – بشكل تقريبي يوجد مئة مليون نجم في مجرتنا - , أو كما تشير الصورة :





عندما نناقش موضوع المجرات و النجوم , سؤال يطرح نفسه دائما " هل يوجد حياة ذكية اخرى ؟ " , و بشكل رياضي , لو كان لكل مجرة عدد نجوم بقدر مجرتنا سيقدر عدد النجوم بـ10 بجانبها 22 صفر , الى 10 بجانبها 24 صفر (1022 and 1024 )   , لك ان تتخيل مثلا انا لكل حبة رمل في كل شواطئ الأرض لها 10,000 نجم .


المجتمع العلمي غير متفق كلياً حول نسب النجوم الشبيهه بشمسنا ( بالحجم – حرارة ..الخ ) – ولو قاربنا العدد سنقول مدى بين 5% لـ20% . ولو أخذنا اكثر الاراء تحفظاً وهي 5% , وايضا لو اخذنا اقل عدد متوقع لنجوم وهو الـ10 ذات الـ22 صفر , هذا يعني انه سيوجد 500 مليار مليار نجم شبيه بالشمس . ( 500 مليار مليار = 500 كوانتليون ).


هناك ايضا جدل حول كم نسب هذه النجوم الشبيهه بالشمس التي يدور حولها كوكب شبيه بأرضنا ( يحتوي على درجة حرارة و ماء سائل و ظروف حياة شبيهه ) . البعض يقول الامر محتمل بشكل كبير ما يقارب 50% , لكن لنأخذ الرأي الاكثر تحفظ 22% والذي ظهر مع دراسة لمركز PNAS , و الذي يقترح بأنه من الممكن ان يوجد كوكب شبيه للارض يدور حول على الاقل 1% من عدد النجوم في الكون , أي 100 كوانتليون كوكب شبيه بالارض .


ولو عدنا لمثل حب الرمل , سنقول 100 كوكب شبيه لكل حبة رمل . ادعوك للتفكير بالامر المرة القادمه التي تذهب بها للشاطئ .


دعونا نتخيل بعد مليارات السنين  1% من تلك الكواكب طورت حياة ( يعني ان كل حبة رمل واحدة فقط ستمثل امكانية حياة ) . و تخيل بأن 1% من تلك الكواكب وصلت لمرحلة الحياة الذكية كما في أرضنا , مما يعني 10 مليون مليار حياة ذكية في الكون الملحوظ .


و بالعودة لمجرتنا و بنفس طريقة الحساب للاحتمالات الاقل للنجوم في مجرة درب التبانة , سنقول بأن 1 مليار كوكب شبيه بالارض و 100,000 حياة ذكية في مجرتنا .


SETI  هي منظمه تحاول رصد إشارات قد تأتي من حضارة ذكية . و اذا كنا محقين بتلك الاعداد الا يجب ان نلتقط إشارة ولو مرة ؟


لكن هذا لم يحدث .. ابداً


" أين الجميع " ؟ ( اقتباس عن فيرمي ) 

- صورة للعالم إنريكو فيرمي



يبدو الامر غريب . شمسنا تعتبر شابة مقارنة بعمر الكون.
 يوجد نجوم اكبر عمراً مما يعني كوكب شبيه بالارض اكبر عمر من كوكبنا , مما يعني انها يجب ان تطور حضارة تقدمت علينا .  بما ان كوكبنا عمره 4.54 مليار سنه لنفرض ان كوكبا شبيه اخر عمره 8 مليار سنه و لنسميه بـX كما بالصورة :



بدأ الانفجار الكبير من اليسار .. تكون الكوكب X الاحمر..و لاحقا كوكبنا الازرق..والنقطه الحمراء تمثل الوقت الحالي .



ولو فرضنا ان الكوكب X خاض نفس غمار تجربة تطورنا البيولوجي كما تمثل الصورة :




بدأ الكوكب X  , و الفترة المحدده باللون الاخضر تمثل الفتره التي احتاجتها الارض لتكوين حياة ذكية 3.46 مليار سنه, اي بالوقت التي يفترض ان طور فيه الكوكب X حياته الذكية هو يوم ولادة كوكبنا .






لو سبقتنا حضارة بـ1000 سنة قد نفاجئ بحجم التقنيات التي يملكونها كمقارنة تقنيتنا بتقنية العصور الوسطى.اما بنفس المقياس لو سبقتنا حضارة بمليون سنة ستكون كالمقارنه بين التشمبانزي و الانسان , لكن كوكب X يسبقنا بـ3.4 مليار سنه !!!!

-------------------------------------------------------------------------


هناك مقياس يدعى مقياس كرادشيف "Kardashev" يقسم الحضارات الذكية لثلاث اقسام رئيسية حسب كمية الطاقة التي يستخدمونها :


النوع الاول : يستطيع هذا النوع استخدام طاقة كوكبه بشكل كامل . نحن لم نصل لهذه المرحله حتى , لكننا قريبين منها ( سبق لكارل سيجان ان صاغ معادله وضعتنا في نوع 0.7 من النوع الاول ) .



النوع الثاني : يملك القدرة على تسخير طاقة نجمهم , لا يمكن ان نتخيل كيف يمكن ان يحدث لكن افضل صورة تقريبا هي كورة دايسون ( كورة دايسون هي بناء افتراضي عبارة عن كرة ضخمه تحيط بنجم تقوم بانشائها حضارات ذكية متمكنة من تقنية عاليه . مهمة هذا البناء هو التقاط الطاقة المنبثعة من النجم.)



النوع الثالث : هو امكانية الحصول على الطاقة من مجمل طاقة المجرة كامله . وهو الاعلى .


 تبدو كمرحلة من الصعب تصديق حدوثها  - تذكر ان الكوكب X  سبقنا بـ3.4 مليار سنه من التقدم . واذا كانت تمشي بخط واضح من التقدم لتصل لمرحلة النوع الثالث سيقودنا تفكيرنا بهذا الامر بأن لديها القدره على السفر بين النجوم , او حتى استعمار المجرة كامله .



احد الفرضيات حول كيف يمكن استعمار المجرة هي انشاء الالات يمكنها السفر للكواكب الاخرى و يمكنها خلق تناسخ كل 500 سنه من المواد الخام بالكوكب , بهذا المقدار يمكن ان تغزو الكوكب كامل بدون الحاجه حتى لسفر بسرعة الضوء خلال 3.75 مليار سنه . 


او كما الصورة التاليه :





بذلك .. تقريبيا بنفس طريقة الحساب المعتاده لو قلنا 1% من تلك الحضارات استطاع الوصول لمرحلة النوع الثالث يعني انه يوجد 1000 منهم وصل لهذه المرحله في مجرتنا فقط , و بإمتلاك قدرة مثل تلك وجودهم يجب ان يكون ملحوظاً .. لكن للان نحن لا نرى ولا نسمع شيء ..



اذا, اين الجميع ؟





الجزء الثاني من المقاله " مفارقة فيرمي " Fermi Paradox

لايوجد لدينا اجابة واضحه لهذه المفارقه , لكن يوجد لدينا تفاسير محتلمه , لو سألت عشر علماء عن هذا الموضوع ستحصل على عشر اجابات مختلفة , الامر اشبه بالامور التي كنت تقرأ عنها كالجدل حول كروية الارض قديما او مركزية الارض أو هل الإله زيوس هو مصدر الرعد – بمقدار ماتشعر ببدائية هذه الامور , نحن نبدو كذلك في هذا الموضوع



لنقسم الافتراضات التي تقول بانه لا يوجد اشاره للنوع الاول والثالث من الحضارات لقسمين , الذين يقولون عدم وجود الاشارات لانها لا توجد اساسا و الاخر الذين يعتقدون بوجودها لكننا لم نلتقط الاشارات لاسباب مختلفه :


المجموعه الاولى : لا يوجد اشارات ( من حضارات النوع الثاني و الثالث ) لانه لا يوجد حضارات من تلك الانواع :


هذه المجموعه تنظر للحسابات الرياضيه التي تؤيد احتمالية وجود حضارة اخرى , مع عدم وجود احتكاك معهم بنفس الوقت , بذلك يستنتج اعضاء هذه المجموعه بأن لا يوجد اي حضارة اخرى ( متقدمة على الاقل ) , لكن بما ان الاحتمالات الرياضية تقترح وجودهم , اذا فهم يضعون امر اخر يسمى بالمفلتر أو المصفي العظيم

The Great Filter.

يقول هذا المفلتر بأنه قبل ان تصل لمرحلة حضارة من النوع الثالث مثلا فهناك امر اشبه بالجدار كل انواع الحيوات التي حاولت تجاوز هذا الحاجز فشلت, هناك قفزه تطورية يبدو اشبه بالمستحيل قفزها لتوضيح اكثر:




كما تشير الصورة المنطقة الخضراء للانواع المتعدده , تمثل الخطوط الصفراء قفزات تطوريه عاديه يتجاوزها العديد من المخلوقات الى ان تصل للخط الاحمر حيث تحدث قفزه تطوريه اعلى تسبب تقريبا انقراض معظم الكائنات, و حتى نصل للخط الازرق وهي المرحله من النوع الثالث للحضارة تعتبر قفزه تطورية اخرى ليس من المحتمل النجاة منها.

 


بذلك نقسم هذا الامر لاتجاهات رئيسيه  - اما نحن نادرون rare  - أو أول من قفزها First  - أو اننا مقبلون عليها we are fucked




الصنف الاول الندرة :




تعني الندره ان الخط الاحمر تم تجاوزه و نحن نادرون حيث ان القفزه التطورية الفتلريه حدثت بالماضي..وهناك قفزات اخرى ستواجهنا بالمستقبل , حيث يفسر هذا الامر لما لا يوجد حتى الان حضارة من النوع الثالث , المشكله في هذا الاقتراح انه يبدو نوعاً ما كما لو كنا قبل 500 سنه حيث كنا نعتقد بأننا "نادرون و مميزون" و أن الارض هي مركز الكون , لكن هذا ما يسميه العلماء "تأثير الملاحظ" حيث سواء فرضنا اننا نادرون او لا ستبقى النتائج واحده  – على كل حال كل لا نخوض طويلا بهذه النقطه سنقول انها تظل احتمالية

لكن اذا كنا نادرين , فلماذا نحن كذلك , وبقية الكائنات علقت بهذا الجدار او الحاجز ؟


1-ربما كان الفلتر في البدايه مبكراً جداً حيث من الاساس لم تكن احتمالية بداية الحياة كبيره ؟ و هذا قد يكون محتملا فلو نظرنا لمسيرة الكون , فالكون احتاج مليارات السنين ليكون الارض , اذا كان هذا هذه هي القفزه الفلتريه فالحياه اساسا غير محتمله فمن الطبيعي ان لاتوجد .


2-أو ربما كانت القفزه الفلتريه كانت هي التحول من خلية بدائية النوى لخلية حقيقة النوى معقدة ؟ وهذا ايضا محتمل حيث نعلم بأن هذه القفزه احتاجت ملياري سنه ( 2 مليار ) لتأخذ شكل اكثر تعقيد .


وهناك احتمالات اخرى لندرتنا كربما كان تطور الذكاء هو القفزه , حيث يقول البروفيسور ستيفن بينكر بأن التطور لا يعني "الافضليه أو التطور صعوداً " فهو لا يتجه لهدف محدد , إنما يتأقلم مع معطيات الطبيعه و البيئة , و اذا كان هذا ماقادنا لتطوير الذكاء في الارض و التقنيه "مره واحده فقط " فهذا قد يخبرنا بأن هذه المرحله التطويره ليست شائعه .




الصنف الثاني , نحن الاوائل :





لا يحتاج هذا الصنف الكثير من الشرح , هو يعني ببساطه ان الحاجز المفلتر لم يحدث بعد لأن الكون للتو فقط هيأ سبل الحياة الذكية , و ربما سنكون أول من يجتازها .



الصنف الثالث , حاجز قريب :





اذا لم نكن نادرين أو سنكون اول من يجتازها .. الصنف الثالث يقولون ربما هي قادمه "بالمستقبل القريب" , و هذا قد يعني ان لسبب ما الحياة لا تتخطى حدودنا لتصل لحضارة النوع الثالث , و لن نكون نحن استثناء .

لذلك قد يكون خبر العثور على متحجرات لكائنات متطوره في كوكب ما , محزنه لنا , لانها تعني انهم وصلوا لحاجز ما سنصل له نحن .





المجموعة الثانيه :الحضارة من النوع الثاني و الثالث موجودة و هناك اسباب منطقية لعدم تواصلهم معنا :

1-من الممكن ان الحضارات الذكيه سبق و زارت الارض قبل ان نكون موجودين فلايوجد أثر للإنسان قبل 50 الف سنة وهو وقت قصير مقارنه بعمر الارض .


2-فكرة استعمار الحضارات الاخرى تبدو فكرة رجعيه بالنسبه لنوع متقدم ,يستطيع الحصول على الطاقة بتقنيه عاليه


3-قد يكون كوكبنا يعيش بمكان هامشي .


4-من الممكن ان يكون هناك حضارة مدمرة , لذلك سيكون من الذكاء عدم ارسال اشارات قد تفضح مكانك لذلك تخفي الحضارات الاخرى الذكيه اثرها , لذلك يحذر بعض العلماء كستيفن هوكينق من ان العثور علينا من قبل غرباء قد يكون ابشع من عثور كولومبوس على القارة الامريكيه و مافعله المستعمر في اميركا


5-مما يضيف احتمالا خامسا وهو ان الحضارات الاخرى تم تدميرها من قبل الحضاره المدمره , و ربما دورنا سيكون قادما حين نصل لحد غير مرغوب .


6-من الممكن ان تكون تقنياتنا بدائية لالتقاط نوع اشارتهم . تخيل بأنك دخلت مبنى حديث ضخم و شغلت اللاسلكي , بالطبع لن تسمع الا تشويشك لان الجميع يستخدم الهواتف النقاله الحديثه للمراسله والحديث


7-و يجب عدم استبعاد فكرة اخفاء الحكومات معلومات حول التقاط اشارات حتى على الرغم من انها تبدو نظرية غبيه


8-خيار مراقبتنا ايضا مطروح , قد نكون مراقبين و تحت الملاحظه .


9-الفيزيائي المشهور ميتشو كاكو يطرح فكرة بان لو كانت هناك نملة فوق تلبالقرب من طريق سريع مزفلت , هل ستعي ما تعني هذه التقنيات التي من حولها؟ و حتى لو كانت حولها فهي لا تعي فعليا ما تعني .. فالأمر يتجاوزنا اساسا


10- أو بالنهايه قد نكون مخطأين حول واقعنا , ربما نعيش في وسط الهولوجرام hologram , وربما نكون زرعنا اساسا من قبل حضارة متطوره ..



و تستمر الاحتمالات ..






هامش :
هذا المقال هو تلخيص مُعرب , وليست ترجمه حرفيه .. للإطلاع على المقال بلغته الاصليه و تفاصيله :
http://waitbutwhy.com/2014/05/fermi-paradox.html
-
-

الأربعاء، 13 أغسطس 2014

الين جوث حول التضخم الكوني




مدخل :
-  صاحب النص هو البروفيسور الين جوث , و الترجمه لصاحب المدونه
 



*البروفيسور الين جوث



يقال احيانا – واعتقد انها عباره لدافيد شرام – " نحن نعيش اليوم بالعصر الذهبي لعلم الكون – كوسمولوجي- " . هذا حقيقي . الكوسمولوجي في الوقت الراهن تمر بمرحلة انتقالية من كونها مجموعة تكهنات لتصبح علم صلب , حيث النظريات يمكن تطويرها و اختباراها بملاحظات دقيقة . أحد الامثله على هذا كانت التموجات الكمية –تقلب fluctuations – و عدم الإتساقnon-uniformities في الخلفيه الاشعاعيه للكون , لقد انخرطت كثيرا بهذا المجال , و نعتقد بأن هذا الاشعاع هو بقايا شفق "توهج" حرارة الانفجار الكبير في بداية الكون . 

انخرطت ايضا بنظرية تسمى التضخم الكوني , و الذي يبدو التفسير الافضل لهذا النسق المتماثل "uniformity" والذي يصعب فهمه . ربما ستعتقد بأنها بإمكاننا شرح هذا الامر كما نشرح فيزيائيا سبب برود قطعة بيتزا اذا اخرجتها من الفرن بعد مدة , لأن الاشياء عادة ما تبرد لتصل لمرحلة التماثل الحراري (توزيع الحراره واحد uniform temperature ) , لكن ما ان صغنا المعادلات الرياضيه لتوسع الكون و معرفة سرعة التوسع في وقت ما بذلك يستطيع الفيزيائيون حساب كم يحتاج من الوقت لنصل لمرحلة التماثل الحراري.وجدوا انه من اجل ان يصبح الكون متماثل بهذه السرعه ليصل لمرحلة التماثل الذي نراه حاليا في الخلفية الاشعاعيه للكون كان على المعلومات الانتقال بسرعة اعلى من سرعة الضوء بمئة مره , لكن ! جميع نظرياتنا الفيزيائية تخبرنا بأن لا شيء يمكن ان ينتقل أسرع من الضوء لذا من المستحيل ان يكون هذا قد حدث , لذلك الفهم الكلاسيكي للانفجار الكبير big bang , عليه ان يبدأ بالافتراض ان الكون كان متجانس homogeneous – موحد او متماثل uniform  – منذ بداية مبكره جدا .

و نظرية تضخم الكون هي اضافة على فهمنا للانفجار الكبير , اي تفسير " ما دفع الكون من الاساس ؟ " , في الفهم الكلاسيكي للانفجار الكبير التوسع التوسع هو افتراض اولي لا تفسير فعلي له , الانفجار الكبير الكلاسيكي لم يكن فعلا نظرية لـ " انفجار " انما ما حدث بعد هذا الانفجار .. التضخم الكوني يزودنا باجابات محتلمه لهذا السؤال حول ما الذي جعل الكون ينفجر , ويبدو بأنه يعطينا اجابه سليمه .

نظرية التضخم الكوني تستفيد من نتائج فيزياء الجسيمات الحديث , و الذي يتنبأ بأنه عند " الطاقة المرتفعه " ستوجد مواد تقلب الجاذبية و تحولها لقوى طارده ! , التفسير التضخمي يتوقع ان توجد هذه المادة في الكون المبكر , و كل ما تحتاجه هو بقعة من هذه الماده , و التي يمكن ان تكون اصغر مليار مره من البروتون ! لكن ما ان توجد هذه البقعة فقوتها الطارده ستسبب بنموها بما يكفي ليشمل الكون المرصود كاملاً .

و يعطينا التضخم تفسيرا بسيط للكون المتماثل المرصود , لانه في التضخم يبدأ الكون من حجم صغير بشكل لا يصدق و هذه النقطة الصغيره لابد انها تملك الوقت الكافي لتصل لتماثلها الحراري و تماثل بالكثافه , و من خلال نفس الآليه التي تصل درجة حرارة غرفة ما تماثل حراري . و اذا عزلت غرفة لمدة طويله كفايه , ستصل لتماثل حراري ايضا . بالنسبه لكون بحجم صغير جدا و الذي بدأ خلاله التضخم يوجد ما يكفي من الوقت ليصبح متماثل بشكل مثالي . و بعد ذلك يعمل التضخم ليجعل من هذه النقطة الصغيره لتشمل الكون , و الحفاظ على هذا التماثل هنا يأخذ "التوسع- expansion" دوره .


لفتره من الوقت عندما تم تطوير النظرية , كنا قليقين جدا اننا سنحصل على تماثل زائد عن اللزوم . لكن احد مميزات الكون هو طريقته بالتماثل , لكن لا يعني بأنه متماثل – موحد – بشكل كامل not completely uniform , لدينا مجرات و نجوم و بنى معقدة في الكون و التي تحتاج شرح ايضا , اذا بدأ الكون و كان متماثلاً سيستمر بتماثله هذا ! حيث لا يوجد سبب لتراكم المادة هنا او هناك او بأي منطقة معينه .

اعتقد ان ستيفين هوكينق هو الشخص الاول الذي اقترح ما نعتقد اليوم بأنه الاجابه على هذا اللغز ,  على الرغم بأن حساباته الاولى لم تكن دقيقه , بأن التأثير الكمومي قد انقذنا , العالم الحقيقي لا يوصف بالفيزياء الكلاسيكيه , حتى على الرغم بأننا كنا نستعمل فيزياء صعبه جدا ! كنا ما زلنا نستخدم الوصف الفيزيائي الكلاسيكي مع معادلات ذات حتميه (*يقصد بأنها لا تنتج الاحتماليه الكميه ), العالم الحقيقي طبعا بالكيفيه التي افهمه فيه يجب ان يوصف بـ آليه كمية – كوانتم – و الذي يعني بأنه في اعماق الكون يجب ان يتم وصف كل شيء من منظور الاحتمالات .


العالم "الكلاسيكي" الذي نعيش فيه , و الذي نستطيع تعريف أي جسم حسب موقعه و يتحرك بطريقة حتميه , هي يمكن فقط ان تعيطنا "متوسط – average "  الاحتمالات التي يمكن ان تعطينا اياها الفيزياء الكميه , واذا طبقت هذا على موضوعنا تعني بأن الكثافه المتماثله التي يتنبأ بها الفيزياء الكلاسيكيه هي متوسط ما ستعطينا اياه الفيزياء الكميه , و التي تعني بأن لها مجموعة من القيم و التي يمكن ان تختلف من منطقة لاخرى , مبدأ الريبه الكمي (uncertainly) سيصف كثافه الكون بعمره المبكر مرتفعه في مناطق و اقل منها بمناطق اخرى .


لذلك نتوقع انه بنهاية التضخم ان يكون هناك تموجات في المناطق المتماثله تقريبا في كثافتها . و يمكن حساب هذه التموجات , ويجب ان اعترف بأننا لا نفهم الكثير في فيزياء الجسيمات لتنبؤ الفعلي لاتساع هذه التموجات و شدتها , لكن يمكننا حساب الطريقه التي تعتمد فيها الشدة على الطول الموجي للتموجات . سنجد تموجات بمختلف الاحجام و يمكننا قياس شدتها . و يمكننا نقاش ما نسميه الان بالطيف – spectrum – نستخدم هذه الكلمه بالطريقه التي نصف فيها موجات الصوت , عندما نتحدث عن الطيف لموجة صوت فحديثنا يدور حول شدة الاطوال الموجية المختلفة التي تجعل من الاصوات تبدو مختلفة .


و هذا ما نفعله مع الفتره المبكره من الكون , فنتحدث عن شدة التموجات في كثافة كتلة الكون في فتره مبكره و التي تختلف مع اختلاف الطول الموجي في التموجات . اليوم يمكننا نرى هذه التموجات في الخلفية الاشعاعيه الكونيه , مجرد فكرة أننا نستطيع مشاهدتها تعتبر نجاح كبير للتقنية الحديثة , عندما كانت مجرد تنبؤات في عام 1982 , كان الفلكيين بالكاد يستطيعون فقط رؤية تأثيرها . التموجات التي اتحدث عنها هي فقط جزء واحد من بين مئة الف , 1% فقط من تأثيرات الخلفية كان هو الممكن ملاحظته في ذاك الوقت .


لم اكن اتوقع ابدا اننا سنرى هذه التموجات , بدا لي صعب المنال ان يحصل الفلكيين على اكثر من حساب تلك التأثيرات في ذلك الوقت , و كنت مسرورا في عام 1992 عندما كشف قمر صناعي يسمى كوبي COBE هذه التموجات , والان طبعا نملك اجهزة للقياس افضل من COBE . هذا يعني بأنه يمكننا ان نشاهد اطول طول موجي لتموج ما , الان لدينا اجهزة تصل الى اجزاء كسرية دقيقة تقربنا للحصول على قياس لمدى اختلاف الشدة حسب الطول الموجي , بشكل ناجح.


منذ مدة , تم عمل تجربة تسمى بومبيرنج BOOMERANG , تعتمد على بالونة – و التي اعطتنا دليل قوي على كون شكله الهندسي مسطح geometrically flat , و التي يتنبأ بها التضخم ( ولا نقصد بمسطح اي ثنائي الابعاد بل ثلاثي ) المكان SPACE ليس منحني كما ينبغي او تتوقعه النسبية العامة , يمكنك رؤية انحناء المكان بطريقة حيث نمط التموجات تأثر خلال تطور الكون , قبل عام و نصف كان هناك تعارض سبب بعض القلق , و لم يكن هناك احد واثق فعلا عن حجم القلق الذي يجب ان نبديه حياله .. الطيف spectrum الذي تم قياسه عند رسمه يبدو انه يحتوي على قمم كثيره ! و كان لهذه القمم علاقة مع التذبذب في مستوى الكثافه في بداية الكون و ظاهرة تسمى بالرنين resonance و التي تجعل بعض الاطوال الموجية اكثر شدة من غيرها .. قياستنا اظهرت اماكن تلك القمم كما توقعناها  وبالشكل الذي توقعناه , لكننا لم نستطع ان نجد القمة الثانيه .



*جانب من تجربة البالون




و من اجل ان تتوافق البيانات التي حصلنا عليها مع النظرية وجب علينا ان نفترض بأنه يوجد بالكون بروتونات اكثر مما كنا نعتقد بعشر مرات ,  لان وجود بروتونات اكثر سيؤدي لتأثير يجعل تلك القمة الثانيه تختفي , طبعا كل تجربة تملك نسبة من عدم التأكد , اذا تم اعادة تجربة اكثر من مره واحدة لن تكون النتائج نفسها في كل المرات , بذلك كنا نتخيل بأننا لم نستطع مشاهدة القمة الثانيه بسبب سوء حظ فقط , على كل حال احتمالية ان تكون القمة الثانيه غير مرئية اذا احتوى الكون كثافة البروتونات المرصوده تنخفض لـ1% , لقد كان تناقض مخيف بين ما نلاحظه و ما نتوقعه . و هذا طبعا تغير منذ وقت قريب عندما تم تحسين طرق القياس , الان نستطيع رؤية القمة الثانيه بل حتى بنفس الارتفاع الذي كنا نتوقعه و كل بيانتنا متسقة الان مع نظريتنا . ممتاز جدا! , انا متأكد بانها ستزداد سوء بمجرد تحسنها , نظرا للصعوبات في هذه النوعيه من الحسابات , لكننا الان نملك صورة ممتازة تؤكد لنا التضخم في الكون المبكر .

الصورة الحالية للكون تطورت , و الذي تم اكتشافه منذ اعوام قليله , لتناسب الملاحظات افترضنا بانه هناك عنصر طاقة جديد في الكون لم نكن نعرف وجوده من قبل , و عادة ما نشير الى هذا المكون الجديد " بالطاقة المظلمة " وكما يوحي اسمها بوضوح نحن مازلنا لا نعرف ماهيتها بالظبط , انها عنصر من عناصر الطاقة التي في الواقع تشبه الى حد كبير مسألة الجاذبية الطاردة التي تحدثنا عنها في البداية , المواد الدافعه في بداية الكون .. يبدو انه في الواقع اليوم يملأ الكون نوع مماثل منها ,  طبعا التأثير المضاد للجاذبية هذا اضعف بكثير من التأثير الذي تحدثت عنه في بداية الكون و لكن الكون يبدو اليوم بالتأكيد متسارع accelerate بسبب تأثير ما نسميه الطاقة المظلمة

على الرغم بأن كلامي يوحي بأننا نفهم الكثير و نحن فعلا نفهم الكثير .. لكن هناك الكثير من عدم التأكد و الشك . على وجه الخصوص مازلنا لانعرف المادة التي تكوّن معظم الكون , هناك تلك الطاقة المظلمه و التي يبدو انها تستولي على ما يقارب 60% من كتلة/طاقة الكون , و لا نعلم ماهي , ربما تكون هي طاقة الفراغ – vacuum  - نفسه ؟ لكننا لا نعلم عن يقين , بالاضافه لهذا لدينا ما يسمى "بالمادة" المظلمة و ربما تشكل بين 30%-40% من مجموع المادة في الكون و ينطبق عليها نفس الكلام حول الطاقة المظلمة .. الفارق بينهما هو أن الطاقة المظلمة تسبب تلك الجاذبية المضادة و تنتشر بشكل سلس , بينما المادة المظلمة تبدو كأي مادة عاديه من حيث خصائصها الجذبوية - gravitational properties- اي انها تجذب – لكن ما لا نعلمه هو محتواها ( بروتون نيترون و ذرات ..الخ ) و تبدو انها تستحوذ على 5% من كتلة الكون .


المغزى من هذه القصة هو ان لدينا قدر كبير لنتعلمه بنفس الوقت الذي نملك فيه نظريات تعمل بشكل مثير للاعجاب.


-          للمزيد يمكن الاطلاع على ALAN GUTH, father in the inflationary theory of the Universe, is Victor F. Weisskopf Professor of Physics at MIT; author of The Inflationary Universe: The Quest for a New Theory of Cosmic Origins.